استنشاق القرفة.. تحدٍّ خطير
استنشاق القرفة بكميات كبيرة يؤدي إلى إصابة الرئتين بالتهابات مزمنة
فعلى موقع يوتيوب هناك عشرات آلاف المواقع يظهر فيها أشخاص وهم يحاولون ابتلاع مقدار ملعقة من القرفة خلال ستين ثانية من دون شرب الماء، وفي الإمكان مشاهدتهم وهم يتخبطون بين السعال والاختناق سعياً للحصول على الماء، فيما أصدقاؤهم يتفرجون ضاحكين.
أحد هذه المواقع شوهد أكثر من تسعة وعشرين مليون مرة، وفي موقع آخر يبدو حاكم ولاية إلينوي وهو يحاول تجربة عملية التحدي هذه، لكنه فشل بالطبع كما فشل غيره.
لكن الأطباء الآن، ومعهم خبراء مراقبة السموم يحذرون الناس من أن هذه الممارسة التي تبدو غير مؤذية أكثر خطراً مما يظنون.
ففي تقرير نشر في مجلة «طب الأطفال» ما يفيد بأن ما يعتبره البعض عملية تحدٍّ جريئة ومثيرة قد رفع عدد اتصالات الاستغاثة التي تتلقاها مراكز مراقبة السموم، كما رفع أعداد المترددين على أقسام الطوارئ في المستشفيات، وأن بعض المراهقين عانوا من انهيار الرئتين مما أوجب وضعهم على أجهزة طبية لمساعدتهم على التنفس.
حروق ونزف
البروفيسور ستيفن ليبشولتز أستاذ طب الأطفال في جامعة ميامي وواضع تقرير حديث حول الموضوع يقول: شاهدنا زيادة ملحوظة في عدد الاتصالات بمراكز مراقبة السموم في مختلف الولايات الأميركية بصورة تتطابق مع انتشار هذه اللقطات على يوتيوب وأعداد الذين يتابعونها، والمقصود هنا الحالات الحادة التي استوجبت نقل المغامرين إلى المستشفيات لأنه من المؤكد وجود آلاف الحالات التي تم فيها تفادي الوصول إلى مرحلة الخطر وذلك بالتخلص من القرفة قبل ابتلاعها. وغالبية هذه الحالات كانت لبالغين يعانون من حروق في المجاري التنفسية في حين كان آخرون ينزفون من أنوفهم.. يتقيأون ويتنفسون بصعوبة.
تؤكد المعلومات أن تحدي القرفة معروف منذ أكثر من عشر سنوات لكنه أصبح أكثر انتشاراً قبل أربع سنوات تقريبا. وتشير الأرقام الرسمية التي أعلنها موقع غوغل على شبكة الإنترنت إلى تسجيل مليونين وأربعمائة ألف استفسار عن الموضوع خلال عام 2012 في حين لم يتجاوز عدد المستفسرين عام 2009 المائتي ألف فقط.
ويشير موقع آخر على الشبكة إلى وجود أكثر من أربعين ألف لقطة فيديو عن الموضوع ذاته على يوتيوب.
إلتهابات وتقرحات
يقول القائمون على الموقع إن الخطوة الأولى هي استنشاق القرفة وتتبعها على الفور «زفرة تنين» حين ينفث المغامر ما في فمه من قرفة، فعلى الرغم من فوائدها الصحية إذا أخذت بكميات قليلة مضافة إلى الطعام، فالقرفة مادة كاوية حين تلامس بكميات كبيرة الشعب الهوائية فتسبب حرقة والتهابات وتقرحات في كل الجهاز التنفسي.
يقول أستاذ طب الأطفال في جامعة ميامي إن المشكلة تكمن في احتواء القرفة على مادة خاملة تسمى «سيلولوز» يمكن أن تستقر في الرئتين، وبما أن هذه المادة لا تتكسر ولا تتفتت فهي تبقى في الرئتين لفترة طويلة مما يعني أن المادة الكاوية تسبب التهابات مزمنة وتحدث ثقوباً في الرئتين، وهو ما يسميه الأطباء بالتليف الرئوي أو الانتفاخ الرئوي.
صرعة مميتة
يوضح البروفيسور ليبشولتز أنه سمع للمرة الأولى بتحدي القرفة في شهر مارس من العام الماضي بعد أن تم نقل عدد من الأطفال إلى المستشفيات لمعالجتهم بعد محاولة ابتلاع بعض القرفة بهذه الطريقة الغريبة، فتم وضعهم على الأجهزة الطبية لمساعدتهم على التنفس، وعلى الفور شكل وزملاؤه الأطباء فريق عمل لمواجهة هذه الحالات.
يضيف أنه لم يكن في ذلك الوقت على دراية بهذه الصرعة، كما أن زوجته وهي طبيبة أطفال لم تكن هي الأخرى قد عرفت الكثير عن تحدي القرفة، ومن أجل ذلك فتح الموضوع على مائدة العشاء مع أولاده الأربعة الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و25 عاماً.
يقول: سألتهم عما إذا كانوا على علم بتحدي القرفة، فأجابوا بصوت واحد: طبعاً.. نعرف الكثير.. وبدأوا يضحكون.
ابنته الطالبة في السنة الأولى في جامعة هارفارد قالت إن «اللعبة» منتشرة في سكنها الداخلي، وسرعان ما قدمت له بعض شرائط الفيديو ليشاهد بنفسه فقال لها: لا أعتقد أن المسألة مسلية، فالناس في لقطات يوتيوب يختنقون بالفعل.
.jpg)